يقلق كثيير من الأهالي مع قدوم العطلة الصيفية، إذ يخشون ضياع وقتها الطويل نسبيًّا -في نظرهم-دون فائدة؛ لذلك تراهم يسألون ويستفسرون، وتضج مواقع التواصل الاجتماعي بالإعلانات والاستفسارات، إعلانات المراكز والأندية والمخيمات، واستفسارات الأهالي. لكن ماذا لو قضينا معظم وقت العطلة مع أبنائنا؟ ماذا لو خصصنا وقتًا تكون العائلة فيه معًا، بعيدًا عن ضغط الواجبات وقلق الامتحانات وضرورة النوم المبكر استعدادًا للاستيقاظ المبكر؟!
حب الوطن والانتماء
قد تكون العطلة فرصة ثمينة لتعزيز معاني حب الوطن في نفوس الناشئة من أبنائنا، وتقوية علاقتهم بمفهوم الوطن والانتماء إليه وعشقه، ولعل مما يبني هذه العلاقة إطلاعهم على تاريخه وحضاراته وأبرز رجالاته، قد ننظم معهم زيارات للمواقع الأثرية والحضارية والثقافية، والأردن من شماله إلى جنوبه يعج بمثلها.
قد تصلح المساءات المنعشة مع نسمات الهواء وفي حديقة المنزل أو غرفة الجلوس لإجراء حوار حول حقيقة حب الوطن، ماذا يعني أن أحب وطني؟ وهل يكفي القول والاعتراف فقط بأنني أحب وطني؟ وماذا يعني أن أحب وطني بأفعالي وتصرفاتي؟ مثل هذه الحوارات تحوّل العواطف والمشاعر إلى سلوكات وتجليات وأفعال، وتجعلهم يستعظمون التصرفات التي تُخل بهذا المفهوم مثل رمي النفايات في الأماكن العامة، وهي في الوقت نفسه تحفز مشاعرهم للتفكير بالتصرفات إن كانت تنسجم مع قولهم بأنهم يحبون وطنهم.
نشاط الأشكال الهندسية
في البيت قد تقوم العائلة بإعادة تدويرٍ لبعض الأوراق والمستلزمات التي لم تعد بحاجة إليها، وباستخدام المقصات تصميم أشكال من دوائر ومثلثات ومستطيلات، بحيث يكتبون في الدوائر أسماء المدن والقرى الأردنية المشهورة، بينما في المثلثات يكتبون أسماء شخصيات وطنية مشهورة، وفي المستطيلات بعض الحكم والأمثال الشعبية، وقد يتطور النشاط لاحقًا بحيث يتحدث كل واحد عن جزئية معينة، وإذا رغب الآباء والأمهات بتعميق الفهم في جانب معين مثل جانب الشخصيات الوطنية فبإمكانهم التركيز عليه مدة أسبوع مثلًا.
نشاط الخريطة الصماء
بإمكان العائلة أيضًا إحضار خريطة صماء من المكتبة، ثم يختار كل منهم اسم المنطقة التي أحبها أكثر بعد أن يكون قرأ عنها في أحد مصادر المعرفة لاسيما الانترنت، أو تلك التي يرغب في زيارتها، أو تلك التي تجعله يشعر بالفخر لكونها في وطنه ويستطيع رؤيتها وزيارتها، موضحًا أسبابه ومبرراته، فكرة الخريطة تربط أبناءنا بجغرافيّة وطنهم وشخصية المكان، وتكوّن ارتباطًا شخصيًّا بمدنه وحضاراته، وقد يتطور الأمر إلى إحضار صور لشخصيات وطنية أدبية وسياسية واقتصادية يلصقها بناء على منطقة كل شخصية، ويسجل عندها أبرز المعلومات عن تلك الشخصية، أو أشهر الأكلات والعادات التي تميّز منطقة عن أخرى.
نشاط زماننا وزمانهم
للأجداد والجدات دور يمكن استثماره في تعزيز هوية الوطن في نفوس الأطفال إذ يمكن إشراكهم في حوار ونقاش لمقارنات فكاهية بين عادات اليوم وعادات الأمس، وكيف تطورت الحياة وتغيّرت، ومن النافع التركيز على مثل هذه المقارنات بجوانبها الإيجابية كونها تعزز قيم التنوع والتطور والاختلاف وتقبل الآخر، ومن جهة أخرى هي مدعاة لربط الناشئة بجذورهم، وأن شكل الحياة اليوم متصل بالماضي وليس بعيدًا عنه، إضافة إلى إمكانية دفع الأبناء إلى كتابة أوصاف يتخيلونها لشكل المدن القديمة وطبيعة الحياة والألعاب.
نشاط البصمات الملونة
وإذا رغب الأهل بتعزيز العمل الجماعي بين أبنائهم وأبناء عائلات أخرى من الأصدقاء والأقارب فإن بإمكانهم إحضار لوحة كبيرة مع ألوان مائية، بحيث يضع كل ولد أو بنت كف يده على اللوحة بلونه المفضل، ثم يكتب تحتها الأسباب التي تجعله يحب وطنه ويفتخر بالعيش فيه، فيتعزز شعور جماعي بالانتماء، ويتأمل الأولاد بعد الانتهاء من اللوحة أهمية العمل الجماعي والتعاون في تحقيق الإنجاز، وسيأخذ النشاط عمقًا عندما يشترك فيه الكبار، ويحددون القواسم المشتركة بينهم وبين أبنائهم. ربما لا يلتفت كثير من الآباء والأمهات إلى فضيلة غرس حب الوطن والانتماء لدى أبنائهم بأنشطة وحوارات وأفكار؛ لأنهم لا يفطنون إلى فوائدها وقيمتها في تنمية هذه المشاعر وتمثلها في تصرفاتهم ، وهي أنشطة خفيفة غير مكلفة، وليست ثقيلة على نفوسهم كا لنصح والإرشاد والتوجيه والأمر "افعل ولا تفعل " بل فيها العمل والمتعة والفائدة. عطلة سعيدة نافعة أرجوها لكم.